ومن ذلك:
* الإيمان به، وتصديقه في كل ما أخبر إيماناً لا يخالطه شك ولا تردد، ولا يخالطه توقف (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ))[(36) سورة الأحزاب] فتصدق أخباره، ولا يجوز أن تعارضها بعقل سقيم ضعيف جاهل، بشري محدود لا يتجاوز الجدران، لم يزكى إلا بما زكاه الله به، وإلا فإن هذا العقل البشري ضال جاهل، قد عَبَدَ المطر والنار، وعبد قوى الطبيعة والفئران، بل عبد فروج النساء، فما كان له أن يزكى، ولا أن يعلو؛ إلا بواسطة ما جاء به الأنبياء، وأفضلهم وأعلاهم مقاماً ومرتبة ومنزلة هو محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -.
وما يتبجح به الفلاسفة من الحكمة، وما يردده المتكلمين من منطق المسائل والمعرفة المتعلقة بالله؛ أخذوها منه - عليه الصلاة والسلام - كما قال ابن القيم - رحمه الله - بما معناه: " اسألني فإني خبير بما عند القوم، والله ما عندهم من الهدى إلا ما أخذوه عن من جاء بالقرآن " فكل هؤلاء المفكرين إذا تكلموا عن العدالة أو ما أتوا به منها ومن الحق فإنما هو مأخوذ من دين الإسلام، والملكية الشخصية التي يتبجح بها الغرب على الدب الشيوعي المندثر، وما عندهم من الحق قد جاء به الإسلام بريئاً ومنزهاً عما أضافوه إليه من الظلم والاعتداء والجور.
وهكذا القيم وحقوق الله - وبخاصة نحن المسلمون -، فقد ظهرت في ديننا وشريعتنا معالم حقوق الله - سبحانه وتعالى - بعيدة عن الابتداع والغلو، وبعيدة عن الجفاء - من الزيادة والنقصان - فمن أراد أن يعبد الله كما أراد، وأن يحبه ويرضاه؛ فليعبده كما تعبَّده محمد بن عبد الله - عليه الصلاة والسلام -، فهو العبد الذي أثنى الله عليه بالعبودية الحقة المحضة الخالصة، القائمة على المتابعة والإخلاص والصدق: ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))[1: سورة الإسراء]، (( وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ))[19: سورة الجن] (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَاً ))[1: سورة الكهف].
وهو العبد الذي يقول فيه عيسى - عليه الصلاة والسلام -: (أتوا محمداً، عبداً غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) فكل العبودية الحقة الخالصة الصادقة إنما أخذت منه - عليه الصلاة والسلام -، وأما العبودية المزيفة أو المبتدعة المحدثة فهذه لا تنفع ولا تقدم صاحبها إلى الله - تبارك وتعالى -.
والإيمان به وتصديقه ضروري، ولا يجوز أن يعارض كلامه بالدستور أو القانون أو العرف، ولا أن يعارض كلامه بالمذاهب، أو الاحتجاج بما يقوله الآباء والأمهات والأقارب والقبيلة، فمن فعل ذلك فليس بمؤمن حقاً بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا مصدق به كما يجب: (( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ))[65: سورة النساء].
.