عِــظـَـة وعِـبْـرَة
عزيزي لنجهد أنفسنا قليلاً ونسمح لها بأن تفكر بعض الوقت بصورة منطقية صحيحة ، بعد الإطلاع على ما جاء في القرآن المجيد وفي السنة المحمدية الشريفة(صلى الله على نبينا وعلى آله وسلم) بخصوص إبليس وما حصل معه عندما عصى. ونقارن أنفسنا مع إبليس وبعدها يسأل كل منا نفسه هل هو أفضل أم إبليس هو أفضل ؟ ولكن قبل الإجابة على هذا السؤال ، علينا أن نعرف أن الأفضلية المذكورة ليست في جانب الخير بل الكلام في جانب الشر وفي منازل اللعن والرجم والعذاب وجهنم ، ولا بئس أن يسأل الإنسان نفسه (وستعرف لاحقاً من نقصد الإنسان هنا) هل هو أسوء حالاً وأكثر انحطاطاً من إبليس أو العكس ؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال عليك أن تطلع على النقاط التالية :-
الأولى:- أن إبليس كان قد عبد الله تعالى ستة آلاف سنة لا يعلم أمن سني الدنيا أن من سني الآخرة ، ومع هذا فقد أحبط الله عمله بسبب كبره ومعصيتهُ لأمر الله بالسجود ، فكبر ساعة واحدة ومعصية واحد أحبطت عمله وعبادته الطويلة وأصبح من الملعونين والمرجومين والمخلدين في نار جهنم وبئس المصير.
الثانية :- والآن إسئل نفسك ما هي نسبة عبادتك إلى عبادة إبليس ؟ بالتأكيد تكون ضئيلة جداً جداً ، وعليه فبالأولوية القطعية سيحبط عملك وعبادتك وستكون ملعوناً ومرجوماً ومخلداً في النار لو عصيت أمر الله تعالى .
الثالثة:- أن الله سبحانه وتعالى أمر إبليس بالسجود لآدم ، وأمرنا (جلت قدرته) بحب وولاء أهل البيت(عليهم السلام) وطاعتهم ، كما ثبت هذا في القرآن والسنة وستأتي الإشارة إليه لاحقاً بعون الله تعالى .
الرابعة :- عصى إبليس أمر ربه تعالى ، وعصيتَ أنت أيها الجاني ومن سار في خطه وكل من خالف أهل البيت(عليهم السلام) ونهجهم القويم .
الخامسة:- ينتج من ذلك . إن الله تعالى سيحبط عملك وعبادتك فيشملك اللعن والرجم والخلود في النار كما حصل لإبليس ، لأنك عصيت كما عصى إبليس .
الأسـوأ مـن إبـلـيـس
في هذا المقام نحاول أن نلاحظ بدقة أكثر ونقارن بين أنفسنا وبين إبليس ، وبعد ملاحظة النقاط أدناه ، ستجد إنك (أيها المبغض والعاصي) أسوأ حالاً من إبليس وأكثر لعناً وأسفل درجة في جهنم ، لأن إبليس يمكن أن يطرح العلة أو الحجة ولو كانت واهية وباطلة ، لكنك لا تملك أي علة أو سبب ، وليس عندك إلا أن تقول إني أعصي من أجل المعصية ، وإليك النقاط التالية :-
الأولى:- إن إبليس يُبرر عدم سجوده لآدم (عليه السلام) ، لأنه أفضل من آدم (عليه السلام) لأنه خُلِقَ من نار بينما آدم (عليه السلام) قد خُلِقَ من طين .
الثانية:- أما أنت أيها الإنسان فلا تستطيع أن تدعي مثل دعوة إبليس ، لأنه قد ثبت عند الجميع في الصحيح وفي المتواتر إن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) خُلق من أفضل طينة وقومه أفضل قوم وقبيلته أفضل قبيلة وبيته أفضل وأشرف بيت ، ومما يشهد لهذا ما ورد عن الحاكم الحسكاني ، في شواهد التنـزيل ، الجزء الأول ، صفحة (203) ، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): { إن الله خلق الأنبياء من شجر شتى ، وخلقني وعلياً من شجرة واحدة ، فأنا أصلها ، وعلي فرعها ، والحسن والحسين ثمارها ، وأشياعنا أورقها......}
وأخرج أبن سعد عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) { أنا وأهل بيتي شجرة من الجنة ، وأغصانها في الدنيا ، فمن شاء أتخذ إلى ربه سبيلاً } وغيرها الكثير من الروايات عند أهل السنة وسيأتي الإشارة إلى بعضها إن شاء الله تعالى ، وبعد هذا أتضح لك أنك لا تستطيع أن تدعي الأفضلية على أهل البيت(عليهم السلام) حتى على الظاهر ، بينما إبليس أدعى الأفضلية على آدم(عليه السلام) .
الثالثة:- أن إبليس يمكن أن يُبرر رفضه السجود كما برر بعض المنحرفين ، بأنهُ لا يريد السجود لغير الله تعالى فهو موحد لا يرضى الإشراك أبداً ، ومثل هذه الدعوى ضحلة جداً وسهلة الدفع .
الرابعة:- لكن مع ضحالة دعوى إبليس بالتوحيد فإنك لا تستطيع أن تدعيها ، فأنت ببغضك لأهل البيت أو بعدم حبك لهم أو عدم إطاعتك لهم { ولما صدر عنهم من أحكام التي تمثل أحكام وأقوال جدهم المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)، تكون قد عصيت الله لأن معصية النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) هي معصية الله تعالى وفي هذه الحالة يكون المخالفة مضاعفة لأنك تخالف الأوامر المستقلة بوجوب حبهم وموالاتهم ، وتخالف الأحكام الشرعية التي منبعها إليهم(عليهم السلام) والتي تمثل ما صدر عن جدهم(صلى الله عليه وآله وسلم) لأنك ستأخذ الأحكام غير الصحيحة لأنك لم تأخذ من المنبع الصحيح } فعملك هذا من البغض أو عدم الحب أو عدم الإطاعة لا نتصور فيه معنى التوحيد وعدم الإشراك ، لأنك غير مأمور بالسجود إليهم كما أمر إبليس بالسجود لآدم(عليه السلام) .
الخامسة:- فالنتيجة ، أن المبغض لأهل البيت(عليهم السلام) والمخالف لهم لا يمتلك أي مُبرر حتى لو كان ضحلاً كما كان لإبليس بعض المبررات الضحلة الواهية ، فتكون أيها المبغض قد عصيت الله من أجل المعصية فقط وبذلك تكون ألعن من إبليس وأجرأ على الله تعالى منه فتكون أردأ وأسوء من إبليس وفي ذلك درجات أعمق من إبليس في نار جهنم وبئس المصير.