السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عنوان الموضوع هو عبارة عن سؤال يجول بخاطر الكثير من الشباب كيف اظفر بذات الدين ؟ أحببت ان يكون هذا الموضوع ان شاء الله نافعاً لهم جميعاً اللهم آمين ،،،،،،
لنبدأ الموضوع بمواقف من الحياة:
الموقف الأول:
((لبيك اللهم لبيك))، ((الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد)) مع تكبيرات فجر يوم عيد الأضحى والتلبية جلست تبكي هذه الزوجة، لماذا؟
كان السبب يدعو للتأمل، لأن زوجها يرفض الاستيقاظ من النوم ويتكاسل عن الذهاب لصلاة العيد مع المسلمين بحجة أنها سنة، وظلت تعيش معه تعاني ليحافظ على الصلاة ويقلل من التدخين وغير ذلك من الصفات السيئة.
الموقف الثاني:
هذه زوجة تخون زوجها في سفره، وتهمل أولادها وتنفق المال بمنتهى الاستهتار، ولا تخاف على مال زوجها، فهي تسير على المبدأ- المرفوض- (قصص طيرك لا يلوف بغيرك).
وهنا نقف ونتسائل ما هي الأسس التي أختار كل شريك شريكه في النماذج السابقة؟
هل كان الاختيار على أساس المال، أم الجمال، أم الحسب والنسب؟
هل كان الدين في مقدمة أسس الاختيار أم كان متأخراً عن باقي المقاييس؟
وما معنى التدين، وكيف أصل إلى الإنسان المتدين الحقيقي؟
اخي في الله ،،، أختي في الله
قد يختلف الناس عند الزواج في أهمية المال أو الجمال أو الحسب، ولكنه لا يختلف اثنان على أهمية الدين وتوفره كعنصر أساس عند الاختيار، ووضع الدين في الاعتبار يضمن للرجل والمرأة زواجاً ناجحاً وسعيداً إن شاء الله.
إن الإنسان ليس من الفراغ بحيث يستطيع ملازمة البيت ليراقب حركات الزوجة وتصرفاتها، ويناقشها فيما تأتي وما تذر، فإنه خدن اسفار-أي صديق السفر- وزمن بعده عن البيت قد يكون أكثر من زمن مكثه فيه، وهو لهذه الأسباب يتمنى زوجة من طراز الزوجة التي سمعها عمر تنشد ليلاً، وقد غاب عنها زوجها في الغزو مدة طويلة- تنشد شعراً يصور اشتياقها لزوجها، ويدل على خوفها من الله، وحرصها على شرف زوجها عندما نشدت تقول:
تطاول هذا الليل وأسود جانبه وأرقني ألا حبيب ألاعبه
فوالله لولا الله أني أراقبه لُحرّك من هذا السرير جوانبه
ولنبدأ بالمرأة:
إن المرأة -أو الزوجة- سكن للزوج وحرث له وهي شريكة حياته وربة بيته وأم أولاده ومهوى فؤاده، وموضع سره ونجواه، وهي أهم ركن من أركان الأسرة إذ هي المنجبة للأولاد، وعنها يرثون كثيراً من المزايا والصفات، وفي أحضانها تتكون عواطف الطفل، وتتربى ملكاته، ويتلقى لغته، ويكتسب كثيراً من تقاليده وعاداته، ويتعرف دينه، ويتعود السلوك الاجتماعي، وفي هذا المعنى أنشد الشاعر يقول:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
من أجل هذا عُني الإسلام باختيار الزوجة الصالحة، وجعلها خير متاع ينبغي التطلع إليه والحرص عليه، وليس الصلاح إلا الحافظة على الدين، ولا يتحقق صلاح المرأة إلا إذا كانت ذات دين، تتصف بالتمسك بالفضائل ورعاية الزوج وحماية الأبناء، فهذا هو الذي ينبغي مراعاته، وأما ما عدا ذلك من مظاهر الدنيا، فهو مما حظره الإسلام ونهى عنه إذا كان مجرداً من معاني الخير والفضل والصلاح.
وكثيراً ما يتطلع الناس إلى المال الكثير، أو الجمال الفاتن، أو الجاه العريض، أو النسب العريق، غير ملاحظين كمال النفوس وحسن التربية والدين والخلق.
فنجد رسولنا يؤكد في حديثه على أهمية الدين فيقول
((لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أت تطيغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء ذات دين أفضل)). (أخرجه بن ماجه)
الخرماء: أي المشقوقة الأنف والأذن.
ويخبر r أن الذي يريد الزواج مبتغياً به غير ما يقصد منه، من تكوين الأسرة، ورعاية شؤنها، فإنه يُعامل بنقيض مقصوده، فيقول: ((من تزوج امرأة لمالها لم يزده الله إلا فقراً، ومن تزوج امرأة لحسبها لم يزده الله إلا دناءه، ومن تزوج امرأة ليغض بصره ويحصّن فرجه أو يصل رحمه، بارك الله له فيها، وبارك لها فيه)) (رواه بن حبان).
والقصد من هذا الحظر إلا يكون القصد الأول من الزواج هو هذا الاتجاه نحو هذا الغايات الدنيا، فإنها لا ترفع من شأن صاحبها، ولا تسمو به، بل الواجب أن يكون الدين متوافراً أولاً، لأن الدين هداية للعقل والضمير، ثم تأتي بعد ذلك الصفات التي يرغب فيها الإنسان بطبعه وتميل إليها نفسه.
اظفر بذات الدين
تأمل معنا إيها القارئ ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن الرسول r وهو قلب مقالنا اليوم:
((تُنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)).
ولنا وقفة مع هذا الحديث العجيب -الرائع- فيذكر لنا الحديث المقاييس التي وضعها الناس عند اختيار الزوجة، ثم يذكر لنا المقياس الذي وضعه الإسلام على لسان الرسول r وهو مقياس الدين.
ومعنى الحديث: إن لم تفز بذات الدين التصقت يداك بالتراب، أو مُلئت بالتراب، ولو أنك متزوج بأجمل وأغنى وأحسب ما في الأرض؛ لأن الدين هو أصل كل صلاح في الوجود وهو دعاء بالفقر على من لم يكن الدين من أهدافه عند الزواج.
فهذا الحديث يرشد من يريد الزواج إلى اختيار ذات الدين، ويدعو على من يخالف ذلك بالفقر الذي كُنّي عنه بالتراب يلصف بيد الإنسان، بمعنى أنه لا يملك من الدنيا إلا التراب، الذي هو من الكثرة وهبوط قيمته بحيث لا يحرص عليه ولا يعتمد عليه أحد.
قال النووي-رحمه الله- في معنى هذا الحديث: (ومعناه أن الناس يقصدون في العادة من المرأة هذه الخصال الأربع، فاحرص أنت على ذات الدين، واظفر بها واحرص على صحبتها).
يقول الإمام الغزالي-في الإحياء-: آداب الرجل إذا أراد النكاح يطلب الدين ثم بعده الجمال والمال والحسب.
إن الإسلام حين حث على الظفر بذات الدين لا يأمر الرجل بأن يتزوج بامرأة فقيرة دميمة وضيعة، ولكنه يريد ذات الدين التي أخذت حظها من الجمال والشرف فذلك أحب إلى البعل وأعف له وأغض لبصره وأجمع لشتات قلبه.
فعندما يوجهنا الرسول r إلى اختيار ذات الدين، فليس بالضرورة أن تكون ذات الدين مجردة من المواصفات الأخرى التي يرغب فيها الرجال، وإنما قدّم أمر الدين؛ لأن الدين منبع كل خير، فهو لا يتغير ولا يتحول فالمتدينة تحفظ زوجها في فراشه وماله وأولاده، كما أنها تعينه على كل بر وصلاح، فتعينه على بر والديه وإكرام ضيفه وعلى بذل النفقة للمحتاجين، وإنها لتشرق عليه بحنانها وحبها، وتطيعه فيما يأمر ما لم يأمر بمعصية، وتكون عوناً له على ما يلقى من الشدائد والمتاعب، وتشاركه السراء والضراء فتثبته وتؤيده وتدعمه وتعينه على أمور دينه ودنياه.
وهنا نقف ونتسائل ما معنى الدين والتدين وكيف نعرف أن هذه المرأة متدينة حقيقة؟
الدين: هو المنهاج الرباني الذي أنزله ليجعل من الإنسان إنساناً رائعاً في صفاته وأخلاقه ومعاملاته بما يحقق له السعادة في الدنيا والآخرة.
والتدين الحقيقي شيء خفي لأن حقيقة الدين تتعلق بالقلوب أكثر ما تتعلق بالظواهر، ولكن للتدين دلالات ظاهرة منها مثلاً عند الرجل اعفاء اللحية، وقص الشارب، والوقوف في صفوف الصلاة مع المسلمين في صلاة الجماعة، وعند المرأة التزام الحجاب الشرعي، والمحافظة على الصلاة، وحفظ اللسان وغير ذلك من الدلالات الظاهرة.
فالدين عقيدة تبعث المرأة -والرجل- أيضاً على الخوف من الله، فلا تفرط في واجباتها العامة ولا في واجباتها نحو زوجها وأولادها، تصون عرضها وتحفظ شرف زوجها، وترعى ماله بأمانة، وتخلص في كل ما تقوم به من أعمال؛ لأنها أعمال دينية مرجوة الثواب، وهذه العقيدة تلزمها معرفة بالحقوق والواجبات، وبالتالي تنفيذها على الوجه المرضي.
فلا نقصد بالدين الاهتمام بالمظهر دون المخبر، وإنما السلوك والعمل مع هذا المظهر، ونعني بالدين أن تعيش المسلمة دينها ليل نهار؛ لأنها تعتبره قضية حياة، وتعتبر نفسها صاحبة رسالة، فلا تهنأ ولا تهدأ إلا بالالتزام التام بالدين في نفسها، وفي بيتها، ومع الناس ثم بالدعوة إلى الله عز وجل
نماذج من تدين النساء:
وعلى أساس الدين اختار عمر بن الخطاب رضي الله عنه[Link nur für registrierte Benutzer sichtbar] لابنه عاصم زوجة تخاف الله وهي البنت التي سمعها تحذر أمها من خلط اللبن بالماء لأن الله يراها وهي تفعل ذلك، إن لم يرها أمير المؤمنين، وهذا الزواج المبارك كان من نتيجته الإمام الورع عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين في الدولة الأموية.
وقد نبه جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أمره أن يراجع حفصة بقوله: ((إنها صوّامه قوَّامة)).
والسؤال الآن كيف أظفر بذات الدين؟
وإليك هذه الخطوات العملية للوصول إلى هذا الهدف:
1-اخلص النية: يقول الرسول r: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)).
2- الدعاء: كان ابن مسعود يقرأ القرآن فإذا فرغ قال: (أين العزّاب؟ فيقول ادنوا مني، ثم يقول لكل واحد: قل: اللهم ارزقني امرأة إذا نظرت إليها سرتني، وإذا أمرتها أطاعتني، وإذا غبت عنها حفظتني.
3- البحث والسؤال: فيسأل الرجل عن دين من يرشحها للاختيار وأخلاق ودين أبيها وأمها، ويتحرى قبل الاقدام على خطوة الزواج ليحصل على المرأة الصالحة ((الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة)).
4- مقياس وضعه الرسول r، عندما يبحث الرجل يبحث عن المرأة الصالحة التي هذه صفاتها كما حددها رسولنا الكريم (الجميلة، المطيعة، البارة، الأمينة) يقول r: ((خير النساء؛ من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها اطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك)) رواه النسائي.
5- المنظومة الثلاثية: الإيمان، والأخلاق، والفاعلية، فمن كانت تعيش وفق هذه المنظومة فإنها متدينة حقيقة.
الإيمان: إيمان بالله يملأ القلب ويصدق هذا الإيمان العمل، لأن الله دائماً يسوق الإيمان والعلم
الأخلاق: الالتزام بإخلاق الإسلام وقيمه الرفيعة يقول صلى الله عليه وسلم ((إنما بُعثتُ لأتمم صالح الأخلاق)).
الفاعلية: أن يكون لها دور في إصلاح المجتمع وتقف على ثغرات الإسلام ولها دور دعوي ولو كان دوراً صغيراً وقد كان من دعاء الرسول r: ((أعوذ بك من العجز والكسل)).
وفق الله الجميع إلى الزوجة الصالحة، والزواج الناجح السعيد