[b]شكرا للابحاث العلمية التي اجريت في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس باشراف عالمتين واحدة اسمها الدكتورة كلاين والاخري اسمها الدكتورة تايلور. فقد اكدت مجهوداتهما العلمية ما كنت اعرفه يقينا منذ الطفولة وهو ان العلاقة بيني وبين صديقاتي في كافة مراحل عمري كانت ولا تزال طوق نجاة الجأ اليه في اوقات الشدة.
فقد اثبت البحث العلمي ان عمر المرأة اطول من عمر الرجل بسبب الصداقة التي تربط بين امرأة وامرأة . والسبب يرجع الي فروق بين سلوك الرجل وسلوك المرأة في وقت الازمات. فحين يتعرض رجل للتوتر والقلق والخسران يفضل العزلة علي التواصل مع الاخرين. ولا يخفي علينا ان القلق يؤدي الي ارتفاع ضغط الدم وتسارع ضربات القلب وارتفاع منسوب الكولستيرول في الدم. وهي اعراض تختزل عمر الانسان نتيجة لاحتمال الاصابة بنوبات القلب والجلطة.
اما المرأة فينشط جسدها في افرازالاوكسيتوسين المخفف للكآبة . ويقول البحث انها خاصية فيسيولوجية تولد مع المرأة دعما لوظائفها الحيوية . باختصار: حين يصرخ رضيع بلا انقطاع ولا تفلح في اسكاته هدهدة او غناء يسارع جسم الام فيفرز الهورمون السحري حتي لا تشعر بالقلق والخوف وتبقي اعصابها في ثلاجة حرصا علي سلامة عقلها وسلامة الرضيع. والعامل المساعد علي افراز هذه المادة السحرية هو الايستروجين - هورمون الانوثة.
الي عهد قريب كانت الابحاث العلمية الخاصة بدراسة القلق والتوتر تجري علي متطوعين من الرجال. ثم اكتشف فريق الابحاث بالصدفة اثناء العمل ان اوقات الشدة تؤدي الي ان ينسحب الباحث معتذرا بأنه بحاجة الي الجلوس وحده في مكان ما. وفي الوقت نفسه بدلا من الانسحاب تنشط الباحثات في اعادة ادوات البحث الي اماكنها المخصصة وترتيب المعمل ثم الجلوس معا لاحتساء القهوة وغالبا ما يمتد الحديث بينهن وتسمع اصوات الضحك.
وحين اكتشفت كل من كلاين وتايلور هذا الاختلاف بين سلوك الرجل وسلوك المرأة صاحتا في نفس واحد: وجدتها وجدتها .
فماذا وجدوا: وجدوا ان استثناء النساء من برنامج البحث يفرض علي نتائج الابحاث قصورا فعليا. فالقلق هو القلق ونتائجة الصحية معروفة ولكن التعامل مع القلق يختلف عند الرجل عنه عند المرأة. ومن ثم تقرر ان تجري الابحاث علي الرجال وعلي النساء لرصد هذه الاختلافات.
من دواعي الاسف ان الثقافة الانسانية السائدة في كافة المجتمعات تزدري صداقة المرأة والمرأة وينصب توصيفها علي ما تنطوي عليه بعض العلاقات بين النساء من غيرة وتنافس . وكثيرا ما تصنف تجمعات النساء علي اانها دعوة لطق الحنك او للنميمة و قطع الوقت. فتظل الحقائق العلمية مطمورة تحت ركام هذه العنصرية الثقافية.
فالصداقة بين النساء امتداد لوظائف الامومة. ولو تأملنا تفاعل المرأة مع المرأة في ظروف الحداد مثلا لادركنا انه تبادل انساني يساعد علي اخراج شحنة الحزن علي عزيز رحل . فالمرأة لا تستحي ان تطوق صديقة فقدت زوجها بذراعيها ولا تستحي ان تبكي معها او تنصت اليها وهي تعدد كرامات الفقيد الراحل. وفي الوقت نفسه تنشط اخري في اعداد القهوة للمعزين وثالثة في شكر المساعدين. ولكن اذا تأملنا المشهد نفسه في حياة الرجال لوجدنا كل رجل جالس وحده وكأنه جزيرة تحيط بها الدموع الصامتة من كل جانب. من يأتي للعزاء يجلس برهة ويشرب القهوة السادة ثم يصافح اهل الفقيد في صمت ثم يبتلعه الشارع.
صديقاتي جزء من احساسي بالثراء . التمس منهن القوة في اوقات الضعف. واجود بما اوتيت من ذكاء الفؤاد لكل صديقة تحتاج رأيا او مشورة. محبتي لصديقاتي غير قابلة للتفاوض مهما اختلفت الاراء والنظريات.
فوزية سلامة
[center]