هو يأتي المساء ويرمي بظلاله على أحياء المدينة...تترك الشمس سماءنا ..سامحة لقمراقل نورا بالظهور مرة أخرى..نجوم ترسم لوحات جميلة وغامضة في لوحة واسعة...غابالضجيج ..غابت الفوضى..رحل أهل القرية كل الى بيته...تاركين وراءهم ذكريات يوم سعيد ..وآخرين لم يكونوا محظوظين في يومهم...يحاولون نفض غبار ذكرى يومهم منعقولهم...يتمتمون بكلمات لا افهمها ...كأنهم يخلقون اعذارا يتهربون فيها من فشلهم في الحصول على السعادة....المحلات مغلقة ..والشوارع خالية...والعيون مغمضة ...والقليل منها ما زالت تنظر في الافق ..نسمات ليل الصيف تعطينا أمل يتجدد فيالافق ....بعضنا ينظر الى جبال القرية وتروح به النسمات وتجيء بقصص قديمة واخرى جديدة...وبعضهم يستمتع بفنجان قهوة تشاركه فيه زوجته .....يتحدثون بلطف عن الابناءوالحياة والمستقبل...وهناك ضوء غرفة ما زال مشتعلا ..يسكن في هذه الغرفة شيخ يظلساهرا على ذكر الله ...يجدد ايمانه وثقته بمن خلقه ...وينمي صلته بالله من خلالايات قرآنية وجد من خلالها روحانية ونقاء ..واستمد من ترانيم دينية قوته ليستيقظ باكرا ...لتشارك اقدامه اقدام رجال اخرين زاحفين في ظلام الفجر من اجل صلاةالفجر....وهناك يبتلع الظلام ضوءا خفت بصيصه واختفى ....نام اصحاب البيت وكل منهميبدأ حلما..ان كان جميلا سيحدثه لأصحابه في النهار التالي....وتجلس على ذاك السطحفتاة تحلم وهي صاحية بنهار اكثر عدلا ...بسماء اكثر زرقة ... بقدر اكثر لطفا ....احلامها خضراء مثل زيتون نهار القرية....تتأمل الافق برغبة ورهبة ...تحتفلبخيالها بذكريات قادمة ...لم تجربها بعد... تفكر برقة امها ... وحكمة اباها..تسأل نفسها كيف هي ايامي غدا؟؟؟وفجأة اشيح بوجهي نحو صراخ طفل غالط صمت القرية ...لعلامه قد سمعت صوته قبلي ......فتسرق نفسها من جوار زوجها حتى لا تفيقه...لقد اهلك نهاره من اجلها ومن اجل الصغير...لله درك امرأة ...ما الطفك وما ارحمك!!!تنظرببشاشة الى طفلها ..فتمحو بنظرتها صراخه لترسم ابتسامة بريئة على وجه طفلها...بفطرةوقداسة عجيبة ينام الطفل.......وهناك بيت كبير ...لا تزال فيه غرفة مضاءة ...عجيبامر هذه العائلة ....يظلون مستيقظين لفترات متأخرة....تلك اذا غرفة الجدة ام فلان ....مستمتعة بوجود احفادها في حجرها...يستمعون لقصصها بفضول عجيب ...على الرغم منتكرارها لبعض القصص...فهم مولعون بسماعها....مرة تحكي لهم عن الشاطر حسن...ومرة عنليلى والذيب...وقصة نص مصيص..وغيرها من روائع ادب اجدادنا البسيط...احسدهم أولئكالصغار...واحسد طفولتهم...كم هم الان مسترخين في حضن جدتهم!!!ومستمتعين بروعةحديثها!!!!!نسيت نفسي .....لا يحق لي كحارس لباب الحارة ((ابو سمعو )) فأنا اعيش غريب وسأنتهي غريب مثل مسائي هذا ...مثل ملل شوارع القرية...مثل صمت طيورها ....مثللهفة فقرائها ...مثل حزن ايتامها....مثل زهد شيوخها....مثل شموخ مآذنها ......مثلغربة مهاجريها.......