في العالرمان وكروم العنب وأرض الآباء والأجداد فتتقد الفرحة لديهم. في الضفة حواجز ومعابر ومستوطنات تحيل نهار الفلسطينيين إلى ليل. في غزة حصار وخنق لا يتوقف، وفي الأراضي المحتلة عام 48 محاولات أسرلة وتضييق ومحاولات لصهرهم وسلخهم عن الذات والتاريخ.
يقبع في سجون الاحتلال أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني في العيد، ليلف الحزن أسرهم وأقاربهم، فلا هم فرحوا بالعيد ولا هم تخلصوا من أحزانهم في البعد والفراق، ولا يذكرهم العالم ولا يحفظ اسما من أسمائهم في الوقت الذي صار فيه اسم شاليط يعرفه الكبير والصغير ويجري خلفه ليريحه من عذاب الأسر، وكان آلاف الأسرى الفلسطينيين ليسوا من البشر ولا يتعذبون في الأسر بل يتلذذون.
أهالي الشهداء بعشرات الآف هم أيضا يملؤهم الحزن في العيد وما بعد العيد، فالأسير يرجع لأهله ما مهما طالت مدة إغلاق قضبان السجن عليه، ولكن الشهيد لن يعود لأهله وهو سؤال أطفال الشهداء عن أبنائهم لماذا لا يعودون كما يعود الأسرى لأطفالهم كلما شاهدوا فرحة الأسير بأطفاله عند الإفراج.
في العيد يفرح الأطفال وتكون ألعابهم المفضلة البنادق ويقسمون أنفسهم إلى "عرب ويهود" في لعبة تتكرر مع كل عيد، وكأنهم يحضرون أنفسهم إلى حرب قادمة مع كبرهم، وهو ما يخالف طبيعة الأشياء وطفولتهم البريئة التي فرض عليه الاحتلال أن لا تكون بريئة وتخرج عن طورها وطيبتها ووداعتها.
القتل والحرب وما يصاحبها من وحشية كلها صفات تخالف طبيعة الإنسان التي ترنو للعيش باستقرار وهدوء وطمأنينة، وكل هذا حصل بزرع دولة الاحتلال في فلسطين دون ذنب للفلسطينيين بما جرى لليهود في أوروبا، حيث اجبر الغرب الشعب الفلسطيني على دفع ضريبة باهظة لخطيئته هو منها براء.
أن تستبدل الفرحة بالحزن والألم بات أمرا عاديا في فلسطين. فمن ضيق إلى ضيق، ومن حزن إلى حزن بفقدان ولد أو أب أو أخ، فذاك له أسير وذاك له جريح وذاك له شهيد ...، وكل فرد في فلسطين لديه من المآسي ما يجعل الحزن والدموع لا تفارق مقلتيه في العيد وما بعد العيد، ولسان حال الجميع: "رحل العيد ولم ترحل أحزانه".
.يد يفرح المسلمون في كافة أصقاع الأرض إلا في فلسطين. قرابة ستة ملايين فلسطينيي في الشتات يتذكرون بساتين