[b]الموضوع كله يبدأ بنظرة تعقبها ابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء. تلك هي الصيغة التي تمهد لمد جسور المحبة بين الرجال والنساء . وهي صيغة تختلف حسب ثقافة المجتمع ولكن يمكن الافتراض بأن اللقاء يعقبة خطبة فزواج وبذلك تعمر البيوت وتعمر الارض. كل المقدمات مهما اختلفت تندرج تحت بنود رفع المعنويات والتواصل والانسجام العاطفي لأن وجودها هو الاساس الذي تبني عليه ارتباطات متينة والبقية تصنعها الظروف والبيولوجيا.
الناس تحب وتتزوج وتنجب منذ ملايين السنين . ولم تشك الارض من قلة السكان بل ان العكس صحيح. ثم خرجت احدي شركات الادوية بقرص الفياجرا فانقلبت الموازين. اصبح القرص السحري هو غاية المني ومعقد الامال مهما كانت احوال الدنيا.فأين راحت الكلمة الحلوة والابتسامة الصريحة والصدر الحنون؟ ولماذا استبدلنا ذلك كله بقرص دواء؟
منذ فترة قرأت ان المصريين ينفقون البلايين سنويا علي الفياجرا رغم المتاعب الصحية التي تترتب علي تعاطيها عشوائيا بدون استشارة طبيب. الاثار الجانبية مخيفة ومنها الصداع واحمرار الوجه وتقلصات المعدة وزغلله العينين. ويمكن ان تؤدي الي الاصابة بنوبات قلبية.
اعترف بأن الخبر ادهشني جدا لعلمي بأن الاسرة المصرية تتعرض لشتي انواع الازمات المالية بسبب قلة الفلوس ونفقات الدروس الخصوصية واجر الشغالات وفواتير الهواتف النقالة وارتفاع سعر البنزين. فمن اين لهم عشرة دولارات هي ثمن القرص الواحد؟ حين قرأت الخبر تذكرت مشهدا فكاهيا من احد افلام نجيب الريحاني وفيه يتعرض البطل للوم والتقريع من زميل له لأنه انفق خمسا وعشرين قرشا لشراء تذكرة يناصيب. فقال له الزميل معاتبا: خمس وعشرون قرشا يا مسرف يا مبذر تقطعها من قوتك وقوت عيالك؟ هذه الاعيب شيطانية يبتزون بها السذج من امثالك.
اما كون الفياجرا الاعيب شيطاينة لا يثري من ورائها سوي شركة الادوية فتلك هي الحقيقة. واكبر دليل علي ذلك ان الشركة تبع ٩ اقراص في الثانية حول العالم.
شبكة الانترنت تتسع لملايين المواقع التي تروج للفياجرا وتنشر معلومات عن انواع الضعف ودرجاته وتوهم القارئ بان تلك هي مشكلة المشاكل التي يعاني منها الرجال في العالم. ولا يغفل الموقع ان يذكر ان الدراسات التي تستند عليها الشركة في استخلاص المعلومات شارك فيها مالا يقل عن مليون رجل. بعد ذلك تتواجد المعلومات عن الاسعار ومنافذ البيع
٢٥ يناير تاريخ سوف يتذكره المصريون طويلا. بعد ثورة الشباب كثر الحديث عن الحرية والديمقراطية واعادة بناء الانسان المصري. وصالت الاقلام وجالت في تلك الامور عن كيف ومتي. ولا شك ان اعادة البناء لا ترتبط من بعيد او قريب باقراص الفياجرا. اكاد اجزم بأن رفع المعنويات التي صاحب رفض الظلم والاستغلال وكبت الحريات سوف يلعب دورا هاما في تراجع احتياج المصريين لاقراص الفياجرا. من هذا
الموقع ادعو كل الزوجات بمكافأة الزوج بابتسامة حلوة يوميا واكلة هنية لا
يصاحبها من او اذي او شكوي. وادعو الرجال بالتبرع بالدولارات العشرة لتحسين
شبكة الطرق في مصر لعل الكمد النفسي الذي تسببه الزحمة في الشوارع يتراجع فيعود
المزاج الرائق للرجل العائد من عمله الي بيته. او يتبرع بالدولارات العشرة لاعادة بناء مدارس افضل أو مصانع تفتح باب العمل لالاف العمال.
لو اختفي الزحام من شوارع القاهرة واختفي الخوف من السلطة لن يبيت الرجل المصري وهو يحلم بقرص فياجرا يعيد له الهمة الغائبة. ربما بات هانئا يفكر في مشروع جديد يؤمن له دخلا اضافيا.
لو صدق ظني لعدنا لايام النظرة والابتسامة والسلام والكلام ولوضعنا الفياجرا في سلال النفايات.
فوزية سلامة[center]