موضوع: في العشرين ويخشى الستين الخميس يوليو 30, 2009 5:28 am
السلام عليكم ورحمة الله.. لا أعرف من أين أبدأ؟، فأنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة، ومشكلتي تتركز في الخوف من التقدم بالسن؛ حيث لن أستطيع الاعتناء بنفسي أو الوصول إلى درجة أن أصير متخلفا، وأفقد مهارات كانت لي في السابق، أو أفقد قوتي وأملي في الحياة. أنا لا أتوقع منك أن تقول لي أو تعطيني علاجا سحريا، لكن كل ما أريده هو كيف أقنع نفسي بحقيقة الواقع وأتكيف مع الظروف المحيطة؟. أنا أمارس لعبة "التايكوندو" ومولع بها، وقريبا إن شاء الله سأتقن "الكونغ فو". هناك شيء آخر أيضا، وهو أنني لا أستطيع الجلوس مع أهلي؛ لأن تفكيري "قتال في قتال" وكل ما أرى شخصا أمامي أتخيل كيف أقوم بحركة معينة، أو ما هي الحركة الأسرع والأذكى لهزيمته، مع العلم أنني لم أضرب أحدا بحياتي، ولكني إنسان أحب الحركة
الحل
أحد علماء النفس المشهورين -وهو أريكسون"- أجاب على سؤالك بشكل غير مباشر؛ حيث قسم مراحل عمر الإنسان إلى ثمانية مراحل، ولن أستفيض معك في شرحها، ولكني سأتوقف قليلا عند المرحلة الثامنة والأخيرة، التي يعتبرها هذا العالم مرحلة الاكتمال أو الضياع!!
حيث يتوقف الإنسان عند هذه المرحلة من عمره، ويلتفت خلفه ليقيم تجربته كلها، فيشعر عندئذ بأحد أمرين: إما أن يرضى عن نفسه، وعن إنجازاته، ويشعر أن حياته لم تمر سُدى ويعيش حالة من "اكتمال" التجربة، ونضج الشخصية، وإما أن يشعر بخيبة الأمل، وأنه لم يُحسن استثمار صحته وشبابه، ووقته، وأن تجربة حياته مشوهة، وأن شخصيته غير مستوية، وأن العُمر قد مر عبثا.
النوع الأول: لا يجد صعوبة كبيرة في التأقلم مع فقدان بعض الصحة، أو المهارات، أو القوة البدنية، أو الذهنية؛ لأنه ببساطة يشعر بالرضا عن تاريخه الذي استهلك هذه المهارات والقوى. فعلى سبيل المثال: عندما يمارس هذا الإنسان دوره (كأب) حنون يرعى أبناءه، ويستنفد جزءا كبيرا من طاقته وصحته من أجل بناء مستقبلهم وأخلاقهم ودينهم، هنا لن يشعر بحرج كبير عندما يتلقى منهم العون والعطف في كبره، وعندما يبذلون جهدا للاعتناء به، والصبر على ضعفه، هذا الأب يشعر من داخله أنه يستحق هذا العطاء، كما أن أبناءه يشعرون من داخلهم أنهم سعداء برد جزء من فضله عليهم.
أما على الجانب الآخر، فإن الأب القاسي المهمل لأبنائه يجد صعوبة شديدة في أن يحتاج منهم شيئا في كبره، كما أنهم هم أيضا يشعرون بعبء خدمته، والاعتناء به، ولا يقومون بهذا إلا بدافع "الواجب"، وليس الشعور بالحب والفضل.
وهناك أمثلة أخرى كثيرة، فالشخص الذي استطاع أن ينجح في عمله أو علاقاته بالناس أو بذل جزءا كبيرا من صحته والعمل في طاعة الله، هذا الشخص عندما تتراجع قدراته يشعر بالرضا من داخله؛ لأنه أحسن استغلال هذه القدرات عندما كانت في مرحلة نضارتها وعنفوانها، وعلى الجانب الآخر، فالشخص الذي استنزف عمره في الأحقاد، والفشل، والمعاصي، يشعر بالقهر عندما يرى قوته تتسلل من بين يديه، ويجد الفرصة قد ضاعت للأبد!!
اختصار كلامي هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك".
كلما اغتنمت قدراتك في شبابك، كلما قل شعورك بالحزن عندما تتناقص هذه القدرات، لذلك انشغل بالحاضر قدر استطاعتك في الخير والعمل، فإن هذا يقلل من خوفك من المستقبل. تبقى ملحوظة أخيرة.. أنت تقول إن تفكيري قتل في قتل، أنا أريد أن أعدل هذه الجملة فأقول: إن تفكيرك حركة في حركة، بدليل أنك لم تستخدم هذه الحركة في إيذاء أحد، عليك إذن أن تفكر كيف يمكن أن توجه هذه الحركة في الخير أو العمل، أو مساعدة الآخرين، بالإضافة إلى التايكوندو.
الرئيسية 
اليومية